احفظ نفسك طاهرًا

flower, lotus, beautiful-4969630.jpg

 (1تي 22:5)

الطهارة من أهم الموضوعات التي يجب علينا معرفة فكر الله بخصوصها؛ فهي تعني النقاوة.  ولا تقتصر فقط – كما نفهم خطأ – على الطهارة من جهة الغرائز والعواطف، بل تشمل كل شيء الفكر والنفس والقلب والضمير وعمل اليدين.

مفهوم الطهارة في العهد القديم كان يقتصر فقط على طهارة الجسد، والفرائض الجسدية كانت موضوعه فقط لوقت الإصلاح، بالكاد كانت تكفي لتطهير الجسد لكنها لم تصل بالإنسان إلى الضمير المُطهَّر:

«لأنه إن كان دمُ ثيرانٍ وتيوسٍ ورماد عجلةٍ مرشوشٌ على المُنجَّسينَ، يُقدِّسُ إلى طهارة الجسد، فكم بالحريِّ يكون دمُ المسيحِ، الذي بروحٍ أزليٍّ قدَّم نفسه لله بلا عيبٍ، يُطهِّر ضمائركم من أعمال ميتةٍ لتخدموا الله الحيَّ!» (عب 9: 13). 

أما في العهد الجديد فالطهارة ليست فقط جسدية، بل تشمل كل شيء.

قبل أن ندخل في موضوعنا – ألا وهو الطهارة من الناحية العملية – نود أن نُذكِّر أننا في نظر الله طاهرون، هذا من جهة المقام، وكلمات الوحي التالية تؤكد لنا هذا: «قال له يسوع: الذي قد اغتسل ليس له حاجةٌ إلا إلى غسل رجليه، بل هو طاهرٌ كله.  وأنتم طاهرون و لكن ليس كلكم» (يو 10:13)، «وكلُّ مَنْ عنده هذا الرجاء به، يُطهِّر نفسه (عمليًا) كما هو طاهرٌ (مقامًا)» (1يو 3: 3)، «كلُّ شيءٍ طاهرٌ للطاهرين» (تي 15:1).

فالمؤمن طاهر من جهة المقام، حتى في مواضع ضعفه أو فشله، الله لا يرى فيه إلا الكمال «أنا نائمة وقلبي مستيقظ.  صوت حبيبي قارعًا: افتحي لي يا أختي، يا حبيبتي، يا حمامتي، يا كاملتي» (نش2:5). 

فحسنًا عَبَّر المرنم بالقول: (عمر ما ها يضيع جمالي لو للحظة في عينيه).

لكن إن كان هذا من جهة المقام، لكن من جهة الطهارة العملية علينا التزام أمام الرب بأن نعيش من الناحية العملية طاهرين لتتطابق حياتنا العملية مع مقامنا.

والطهارة احتياج مُلِح لأننا من خلالها نُكرم أجسادنا، فكم رأيت شبابًا لسبب التساهل مع الخطية غرقوا في شهوات كثيرة غبية ومُضرة صيَّرتهم رغم أنهم في سن الشباب لكن جسدهم جسد كهول، فالخطية أتلفت أجسادهم «لذلك أسلمهم الله أيضًا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة، لإهانة أجسادهم بين ذواتهم» (رو24:1).  والخطية فيها أيضًا إهانة للنفس.

وهي أيضًا احتياج مُلح، لأنه لا يمكن أن يُصادق الله على حياة بها تساهل ويستخدمنا في عمله، فبتساهلنا نخسر تأييد الرب لخدمتنا، فهناك الكثير من المواضع الكتابية التي توضح أن هناك ارتباطًا بين حياة الطهارة وخدمة الرب منها:

«اعتزلوا، اعتزلوا، اخرجوا من هناك.  لا تمسُّوا نجسًا.  اخرجوا من وسطها.  تطهَّروا يا حاملي آنية الرب» (إش52: 11).

وأيضًا «فإن طهَّر أحدٌ نفسه من هذه، يكون إناءً للكرامة، مُقدَّسا، نافعًا للسيِّد، مُستعدًا لكل عمل صالح»  (2تي 21:2).

وفي التعامل الكنسي يجب أن تتسم التعاملات بالقداسة «والحدثات كأخواتٍ، بكلِّ طهارة» (1تي 5: 2).

  1. الانحدار الأخلاقي الذي يمر به العالم، فالعالم الذي نعيش فيه وضع في الشِّرير والنَّجاسة تسير عارية في الشوارع بلا خجل ومظاهر الإغراء جعلت الخطية مُحيطة بنا بسهولة وجعلت الطريق زلقة تحت أرجلنا.
  2. التعامل بخفة مع الخطية وإعطائها مُسميات سهلة، فمن الممكن أن تُسمَّى: الرشوة إكرامية، والغراميات صداقات بريئة.
  3. المهارة في الجمع بين الخطية والخدمة، رغم أن هناك كما سبق وذكرنا ارتباطًا بين الخدمة وحياة الطهارة.
  4. الصراع لسبب الغرائز والعواطف المشتعلة في سن الشباب، وما ساهم في ازدياد حدة المشكلة تأخر سن الزواج وما نتج عنه من مشاكل وضغوط مختلفة.

«إن طهر أحد نفسه»، لم يقل إن طهر أحد غيره، بل نفسه.  فليتنا لا ننشغل بكم الفساد الموجود حولنا فمسؤوليتنا فقط هي تطهير أنفسنا لا تطهير غيرنا، وخير مثال على ذلك يوسف في بيت فوطيفار، ودانيآل في قصر نبوخذنصَّر.

  • طهارة الفكر: «أخيرًا أيها الإخوة كل ما هو حقٌّ، كل ما هو جليلٌ، كل ما هو عادلٌ، كل ما هو طاهرٌ، كل ما هو مُسرٌّ، كل ما صيته حسنٌ، إن كانت فضيلةٌ وإن كان مدحٌ، ففي هذه افتكروا» (في 4: 8).
    • طهارة القلب (الكيان الداخلي): «طهِّروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء، فأحبوا بعضكم بعضا من قلبٍ طاهرٍ بشدَّةٍ» (1بط 1: 22).
    • طهارة الضمير: أي أن يحكم الضمير وهو يقف على أرضية سليمة وتعاليم صحيحة «إني أشكر الله الذي أعبده من أجدادي بضميرٍ طاهرٍ، كما أذكرُك بلا انقطاع في طلباتي ليلاً ونهارًا» (2تي 3:1).
    • طهارة الأيادي: أي أن التعاملات اليومية تتم في جو من الطهارة ولا سيما التعاملات المالية «يُكافئني الرب حسب بِرِّي.  حسب طهارة يديَّ يَردُّ لي» (مز 20:18).
  • الشبع بكلمة الله: فهي تُنقِّي القلب (يو3:15)، وتجعل الضمير يقف على أرضية سليمة وهو يحكم، وتجعل الفكر ينشغل بأمور طاهرة، وتُقوِّم عمل الأيادي.
    • إعطاء المسيح فرصة للعيشة فينا: فعندما لبسنا المسيح لبسنا أنقى الثياب، تَفَكُرنا في هذا، يجعلنا نعيش بحرص من جهة كل سلوك وكل كلمة وكل مكان نذهب إليه.
    • وضع ترقب مجيء الرب اللحظى قدام العين: فهذا يحثنا على العيشة بالقداسة «وكلُّ مَنْ عنده هذا الرجاء به، يُطهِّر نفسه كما هو طاهرٌ» (1يو 3: 3).
    • الحذر من الخطوة الأولي في الانحدار:  فكل مَنْ سقطوا في الكبائر كانت الأمور عندهم في البداية صغائر، فعندما نسأل داود أو حتى شمشون: هل كانوا يتوقعون أنه في يوم من الأيام سيسقطون في هذه الكبائر؟ كانوا سيُنكرون، لكن هذا ما حدث، والسبب كما نعلم أنهم تهاونوا مع الصغائر فنمت الثعالب الصغيرة وصارت كبيرة وأفسدت الكروم.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top