الاتكال على الرب

هي حالة من الاطمئنان لسبب تسليم الأمور ليد الرب مع الاستناد الكامل عليه.

من الذي يتكل:

الشخص الذي يعرف الرب هو الذي يتكل على الرب «يتكل عليك العارفون اسمك، لأنك لم تترك طالبيك يا رب» (مز9: 10) والشخص الذي اتخذ الرب ملجأ له: «أقول للرب: ملجأي وحصني.  إلهي فأتكل عيك» (مز91: 2).

لأن الاتكال على غير الرب مثل الاتكال على بيت العنكبوت «فينقطع اعتماده، ومتكله بيت العنكبوت!» (أي8: 14)

فلا يصلح إنسان أو رئيس لكي يكون متكلاً، فالإنسان متغير ومحدود وزائل ويُخزي من يستند عليه وينسى «لا تتكلوا على الرؤساء، ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده» (مز146: 3) فصديق اليوم قد يصبح عدو الغد

ولا يصلح شيء آخر للاتكال عليه فلا صحة ولا شباب ولا أموال ولا وظائف تصلح لأن تكون متكلنا، فالشباب يزول «الحداثة والشباب باطلان» (جا11: 10) والصحة تذبل بالأمراض ويزداد يومًا وراء الآخر اكتشافنا أننا نسكن في خيمة.

 1- لأننا ضعفاء: وهو قدير فكل يوم يتبرهن أمام أعيننا ضعفنا وعجزنا ولسب وجودنا في الأزمنة الأخيرة فكم نختبر أنها أزمنة صعبة نحن أصغر من أن نواجهها بمفردنا!

2- لأنه غير متغير: في الوقت الذي نختبر فيه تغير الإنسان ونختبر فيه تغيرنا نحن، نختبر في ذات الوقت ثبات إلهنا

3- لأنه الدائم وغيره الكل رمال: إستفاد داود من الدعامات التي أرسلها له الرب من خلال البشر وجاءت الأيام التي قام الرب بنفسه برفع هذه الدعامات فمات يوناثان وصموئيل وأخيمالك وأخذت منه أبيجايل حتى الأربعمائة رجل جاء وقت ووقفوا ضده وأما هو فتشدد بالرب إلهه، ومن خلال كل ذلك اختبر أن الرب راعيه فلا يعوزه شيء.

4- شهادة التاريخ: هناك شهادة دامغة عن معاملات الرب مع السابقين تثبت أنه جدير بالاتكال «عليك اتكل آباؤنا اتكلوا فنجيتهم» (مز22: 4) فمَنْ يقرأ عن دانيآل يرى كم عمل إله دانيآل، ومَنْ يقرأ عن داود يرى كم صنع رب داود، خلاف أن ماضينا يشهد عن الرب وأيامنا تروي لنا الكثير عن معاملات حبه.

5- يوم الخوف: نحتاج إلى الاتكال على الرب في كل اللحظات لكن هناك بعض الأيام التي نحتاج فيها أكثر للاتكال على الرب «في يوم خوفي، أنا عليك اتكلُ» (مز56: 3) مثال لذلك يعقوب فمع أنه من الشخصيات القوية لكن جاء اليوم الذي صلى فيه بتذلل قدام الرب وقال: «نجني من يد أخي من يد عيسو، لأني خائفٌ منه» (تك32: 11).

6- لأنه يعتني بنا: «ملقين كل همكم عليه، لأنه هو يعتني بكم» (1بط5: 7) هو دائما يحملنا ويحمل ظروفنا لذلك من الأفضل أن نسلمه أمورًا هو يهتم بها فعلاً لهذا كان التحريض الإلهي «ألقِ على الرب همَّك فهو يعولكَ» (مز55: 22).

7- وعود الرب: الكتاب المقدس مملوء بالوعود الإلهية (هناك ما يزيد على 31 ألف وعد في كل الكتاب) ومن خلال كل وعد الله يضع نفسه تحت التزام ولسبب الوعود الإلهية تتشجع قلوبنا لتثق في الرب ومن ضمن الوعود الإلهية: «سلِّم للرب طريقك، واتكل عليه، وهو يُجري» (مز 37: 5). والمثال على تأثير الوعود الإلهية هو نوم بطرس في السجن رغم أن هيرودس مزمع أن يقدمه في الغد لكن لأن الرب قال له: «ولكن متى شخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء» (يو21: 18) فكان يعلم أن يد هيرودس لن تستطيع أن تقترب منه طالما أن له هذا الوعد.

8- لا تصلح حكمتنا: يسمح الرب أحيانًا بأن كل حكمتنا تُبتلع (مز107: 27)، فلا نثق بعد في حكمتنا بل نتكل على الرب بكل قلوبنا «توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد» (أم 5:3).

9- لاننا مساكين: المسكين ليس هو المُفتقر للأموال بل هو من يشعر بالحيرة والضعف وعدم القدرة.  والرب في حكمته يسمح لنا أحيانًا بالمسكنة والضعف لكي نتكل عليه «وأُبقي في وسطك شعبًا بائسًا ومسكينًا، فيتوكلون على اسم الرب» (صف 3: 12) والعجيب أن هذه الصفة انطبقت على الرب يسوع رجل الاتكال: «مسكينٌ وبائسٌ» (مز40: 17).

  1. لا يخزي منتظروه: «عليك يا رب توكلت. فلا أخزى مدى الدهر» ( مز 31: 1 )
  2. الاثمار: «مباركٌ الرجل الذي يتكل على الرب، وكان الرب مُتكله، فإنه يكون كشجرةٍ مغروسةٍ على مياهٍ، وعلى نهرٍ تمد أصولها، ولا ترى إذا جاء الحر، ويكون ورقها أخضر، وفي سنة القحط لا تخاف، ولا تكف عن الإثمار» (إر 7:17، 18).
  3. تشجيع آخرين على الاتكال: الاختبارات التي يعطيها لنا الرب تكون بمثابة تشجيع لمؤمنين آخرين يمرون بذات الظروف «وجعل في فمي ترنيمة جديدة، تسبيحةً لإلهنا.  كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب» (مز 40: 3)
  4. الثبات: «المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون، الذي لا يتزعزع، بل يسكن إلى الدهر» (مز125: 1).

وجبل صهيون يقال عنه إنه من أرسخ الجبال، لهذا لم يجد الوحي تشبيهًا مثل هذا الجبل لكي يشبه به حالة المؤمن غير المتزعزع رغم العواصف.

الاتكال حالة من الاطمئنان يسبقها تسليم الأمور بين يدي الرب. بينما التواكل هو حالة من السلبية والكسل وعدم الرغبة في عمل شيء.

«رؤساؤها يقضون بالرشوة، وكهنتها يُعلِّمون بالأجرة، وأنبياؤها يعرفون بالفضة، وهم يتوكلون على الرب قائلين: أ ليس الرب في وسطنا؟ لا يأتي علينا شرٌّ!» (مي 3: 11).  فالاتكال على الرب إيجابي من خلاله نعمل الأعمال المنوطة بنا مع ترك النتائج بين يدي الرب، وكلمة الرب كما أنها تشجعنا كثيرًا على الاجتهاد، في ذات الوقت تحذرنا من الكسل وأضراره.

الحياة المسيحية ليست حياة كسل بل هي حياة اجتهاد وكون الرب يعاملنا بالنعمة هذا لا يعني ألا نجتهد،  فبطرس الذي كتب في رسالتيه عن النعمة كتب أيضًا عن الاجتهاد (عن النعمة في بطرس الأولى 5: 12، بطرس الثانية 3: 18 وعن الاجتهاد في بطرس الثانية 1: 5-11).

  1.  الشكاية الشيطانية ومثال على ذلك ما عمله «ربشاقي» مع «حزقيا» والشعب:  «فقال لهم ربشاقي: قولوا لحزقيا: هكذا يقول الملك العظيم ملك أشور: ما الاتكال الذي اتكلت؟» (2مل 18: 19)
  2.  الملاجئ الأرضية.            3- ضعف الإيمان.
  1. الرب يسوع: هناك ثلاث عبارات تكلَّمت عن اطمئنان الرب: الأولى في طفولته فرغم كل التهديدات التي عاناها جاء عنه القول «لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنًا على ثدييْ أُمِّي» (مز22: 9)، والأخرى في حياته «بسلامةٍ أضطجع بل أيضًا أنام، لأنك أنت يا رب منفردًا في طُمأنينةٍ تُسكِّنُني» (مز4: 8)، والثالثة عند موته: «لذلك فرح قلبي، وابتهجت روحي. جسدي أيضًا يسكن مطمئنًا» (مز16: 9).
  2. حزقيا: «على الرب إله إسرائيل اتكل، وبعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله» (2مل 18: 5).

ليت هذه التأملات تكون باعثًا لحياة الاتكال على الرب بعزم القلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top