قد يُثار التساؤل: أشك في إيماني وعندما أعلنت عن شكوكي هذه أمام أحد المؤمنين قال لي: «إن الشك دليل اليقين». فهل أطمئن بهذا القول من جهة إيماني بالرب؟
هناك أمور كثيرة في الحياة تقبل الاحتمالات، وعندما يحدث الاحتمال الأسوأ، فالخسارة عندئذ تكون بسيطة أو حتى في أسوأ حالاتها يمكن تعويضها، لكن عندما يكون هناك شك وتردد من جهة الحصول على الخلاص فهذا أمر جد خطير، فيه الكثير من المجازفة في أمر يصعب، بل يستحيل، تعديله مستقبلاً. فعندما تنتهي حياة الإنسان على الأرض ويكتشف أنه كان مخدوعًا، وخدع مَنْ هم حوله، لن تكون عنده الفرصة ليعود مرة أخرى إلى الأرض، ليراجع قراره الذي كان يجب عليه أن يتَّخذه من جهة قبوله للمسيح.
لهذا أنصح أخي الذي يسأل بألا يذهب للمؤمنين ليستشيرهم في حالة شكه هذا، بل ليذهب إلى الرب ويطلب منه التأكيد. فإذا كان هذا الشخص مؤمنًا سيعطي الرب له تأكيدًا لإيمانه طالما هناك إخلاص في طلب الرب. أما إذا كان مازال بعيدًا عن الرب فسيُعطي الرب له الإيمان. ففي كل الأحوال ستكون مقابلته مفيدة له، وإن قال أحدهم: «إني طلبت الرب سابقًا ربما أكون قد خلصت ولكني ضعيف». نرد عليه: حتى ولو كنت قد حصلت على الخلاص في الماضي وتشك في يقينية حصولك عليه فلو طلبت الخلاص الذي سبق وأخذته من الرب لن يضرّك هذا في شيء بل ستأخذ كما ذكرنا تأكيدًا من الرب وهذا أفضل من احتمال أنك لم تحصل على الخلاص وتستمر مخدوعًا في طريقك إلى أن تجد نفسك في العذاب الأبدي.
أوجِّه نظر السائل الذي ربما يكون مؤمنًا فعلاً وابتدأ يشك في إيمانه إلى الأمور التي تجعل المؤمن يشك في إيمانه:
1- عدم وجود تاريخ ميلاد روحي مُحدد: ليس الجميع لهم ذات طريقة الرجوع للرب فالطريقة التي رجع بها نيقوديموس غير التي رجعت بها السامرية غير الطريقة التي رجع بها سجان فيلبي… إلخ، وهذا يقودنا ألا نضع اختبارات البعض مقياس لنا، فالله له طرق للتعامل مع كل شخص خلاف الآخر. من جهة أخرى هناك كثيرون نشأوا في أجواء روحية فلم يلاحظوا التغيير الذي حدث في حياتهم؛ لأنه لم تكن هناك فجوة كبيرة بين الطابع السلوكي قبل وبعد الإيمان وهذا ربما نجده في تيموثاوس، لكن العكس تمامًا نراه في بولس الذي كان له موقف ووقت واضح فيه رجع للرب رجوعًا حقيقيًا. فلا داعي للقلق من جانب صاحب السؤال طالما هناك يقينيات تبرهن على صدق علاقتك مع الله. أذكر مرة عندما سئُل أحد المؤمنين عن الوقت الذي بدأ فيه علاقة حقيقية مع الرب، أجاب أنه لا يعرف متى لكنه أضاف “لأني عالم بمَنْ (وليس بمتى) أمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم” (2تي1: 12).
2- اعتماده على المشاعر: هناك خطورة في الاعتماد على المشاعر الداخلية دون النظر إلى كلمة الله، فالمشاعر تتغير. يشعر الشخص أنه مخلَّص اليوم ثم يشعر العكس في الغد، فالعبرة إذن ليست بالشعور بل بالإيمان بكلمة الله، فهي لا تتغير أبدًا. فإذا كنت قد قبلت الرب يسوع بالإيمان بقلبك، فقد غُفرت خطاياك سواء أكد لك شعورك ذلك أم لا، لكن كلمة الله تؤكد ذلك.
3- عدم الاجتهاد روحيًا: (2بط1: 5) لسبب التكاسل يصل المؤمن لمرحلة ينسى فيها تطهير خطاياه السالفة، أي يصل لمرحلة يشك فيها في أمر الحصول على الخلاص الذي سبق وحصل عليه فعلاً.
4- سقوط المؤمن في خطية معينة بصورة متكررة: هذا يجعله يستصعب أن يصدِّق أنه كيف يكون مؤمنًا ويتساهل في أمور كهذه؟! وينسى أن المؤمن من جهة: عرضة لأن يسقط في الخطية لسبب الخطية الساكنة فيه، ومن جهة أخرى عرضة إذا استمر في حالة الخطية أن يصير مثل لوط الذي مع أنه بارًا إلا أنه كان مغلوبًا (2بط2: 7).
لهذا نقدِّم النصيحة: إنه يجب على المؤمن أن يجتهد روحيًا، وأن يكره الخطية فهي المعطِّل الرئيسي لشركته مع الله القدوس.
أنور داود