اثبتوا

holy, book, bible-2561029.jpg

الثبات يُعني الرسوخ وعدم التزعزع “كونوا راسخين غير متزعزعين”(1كو15: 58)، والتعبير المستخدم هنا يُعني الإستمراريه أيضا، أي يجب أن تكون الحالة باستمرار هكذا، والثبات فى الرب يعنى أيضا أن يكون للمسيح المكان اللائق به فى القلب. ومن كلمة الله نفهم أن الثبات الروحي له مجالات متعددة نذكر منها:

قال الرب يسوع: “اثبتوا فىّ” (يو15: 4)، ويجب أن نفرق بين الوجود فى الرب والثبات فيه، فكل المؤمنين هم فى الرب “إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة” (2كو5: 17)، لكن ليس الكل ثابتون فى الرب، لذا يأتى هذا التحريض من الرب نفسه “اثبتوا فىّ”!

والثبات في الرب يعني الوجود فى الشركة معه، المشغولية المستمرة به، ليس فقط  في الفرص الروحية والمؤتمرات والاجتماعات الروحية بل في كل الأوقات، قلوبنا تفكر فيه وفي صوالحه وأموره، إنها إقامة في دائرة الشَّركة مع الرب. إنه الإعتماد الكلى عليه ليكون كل شئ لنا، والثقة فى كفايته لنثمر لمجد الآب. إنه السير بقربه. قلب له شركة مع المسيح، ومسرته فى أن يثق فيه، ويتعلم منه بل ويتضمن حياة تحت تأثير حضوره.

والثبات في الرب يعني أننا لا نقدر أن نعيش بالاستقلال عنه، كما يستمد الغصن حياته من الكَرْمَة، ويعني أيضًا أننا لا نقدر أن نفعل شيئًا بدونه كما قال الرب: “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا” (يو 15: 5)، وهذا يؤكد أنه مصدركل ثمر وإثمار وخدمة وسلوك مستقيم فى حياتنا. الأمر الذي يتعيَّن أن نعترف به باستمرار فلا نتكل على أنفسنا بل عليه.

الثبات أيضًا يعني ملازمة المكان؛ فالمؤمن المسيحي جُعل في الرب، وهذا مقامه؛ لذا يتعيَّن عليه في حياته اليومية، أن يبقى في شركة حميمة مع الرب، فإن كان الغصن يثبت في الكَرْمَة، عندها يستمد منها كل حياته وغذائه.  ونحن أيضًا نثبت في المسيح عندما نقضي وقتًا في الصلاة، ودراسة الكلمة وإطاعتها، والشَّركة مع المؤمنين، وعلى أساس وَعْيِنَا المستمر لوحدتنا معه، وكذا بالتصاقنا الدائم به، يتسنى لنا أن ندرك ثباته فينا، وإمدادنا بالقوة الروحية والموارد اللازمة. 

وكَوْن الرب قال: “اثبُتوا فيَّ” وكلمة الله تحرض على الثبات فى الرب كثيرًا (أمثلة) ؛ فهذا يؤكد أن هناك مسؤولية على المؤمن من جهة الثبات فى الرب.

الثبات في النعمة يعنى العيشة بشعور دائم بأن ما أنا فيه وما حصلت عليه من امتيازات راجع، لا لتميُّزي عن غيري، ولا لاجتهادي، ولا لإخلاصي، بل الفضل يرجع إلى نعمة الله التي أعطت بغنى لمَنْ لا يستحق. لذلك يتعيَّن علىّ أن لا يغيب عني لحظة، فضل نعمة الله في حصولي على الخلاص (أف2: 8)، والتبرير (رو3: 24)، والقوة الروحية (2تي2: 1)، والتعليم (تي2: 12)، والاستخدام الإلهي (أف3: 7)، وكل الإمتيازات والبركات المسيحية، حتى وصولي  السماء سيكون أساسه فضل نعمة الله.

يثبتوا فى الإيمان المسيحي ولا يكونوا محمولين بكل ريح تعليم، لأن بعضًا من الذين آمنوا بالرب كانوا عُرضة للفشل أو الإنحراف عن حقائق الإيمان المسيحى، التى يقاومها الشيطان، مستخدما الضلالات من ذوى التعاليم الكاذبة (أع20: 30،29)، وأيضا لسبب الإضطهاد الواقع عليهم جراء إيمانهم بالرب، وبسبب الضيق أرسل الرسول بولس تيموثاوس للتسالونيكيين “كى لا يتزعزع أحد فى هذه الضيقات” (1تس3: 3). ويعني أيضًا، إيمان الثقة؛ فالثقة في الرب يجب أن لا تتزعزع بسبب الظروف المُعاكسة وضغط الإحتياج والضيقات الكثيرة، والمؤمن ينبغى أن يثق في صلاح الرب، ومحبته وحكمته وقدرته، حتى في أحلك المواقف، عالمًا أن الضيق يُنشئ صبرًا. وأن من وراء هذه الظروف تدريبات إلهية “ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله” (رو8: 28). والمؤمن المُرتاب، لا يثق أن الرب سيعطيه ماطلب، يُشبّهِه يعقوب بموج البحر الذى تخبطه الريح فتجعله غير مستقر (يع6:1). الإيمان المُرتاب يتحرك كالموج من اليمين إلى الشمال؛ ومن أعلى إلى أسفل، بمعنى، مرة يثق في الرب، والمرة الأخرى يفقد الثقة في الرب. لكن الثبات في الإيمان يعني الثقة في الرب في كل الأحوال. الثبات فى الإيمان يكون حافزا للخدمة والإكثار فى عمل الرب (1كو15: 58).

كلمة الله هىّ التى تقوّم وتقود وتوّجه وتنّقى، وثبوت كلامه فينا معناه سكنى كلامه بغنى فى قلوبنا، فتتوافق أفكارنا مع أفكاره، ونرتفع فوق شهوات الجسد، ويستأسر كل فكر فينا لطاعة المسيح (2كو10: 5) فنختبر ما هىّ إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رو12: 2).

إن ثباتنا فيه وثبات كلمته فينا هما الشرطان اللازمان لاستجابة الصلاة

أى محبتى لكم، المحبة الثابتة، الغير متغيرة، الدائمة. والثبات فى محبته هو التمتع والشعور بها، والتلذُّذ بها وبأعمالها رغم الضيقات والتجارب، وأعظم برهان على محبته هو موته على الصليب لأجلنا “ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو15: 13) ونحن نثبت فى محبته بتأملنا المستمر فيها.

ما يميز المؤمنين هو محبة الرب لهم وفرح الرب فيهم، والفرح هنا هو فرح المسيح الذي فاض نتيجة الشَّركة المستمرة والتمتع بمحبة الآب، وهو فرح في كل الظروف مرها وحلوها.  فرح لا يستمد ينابيعه من مصادر خارجية أرضية وظروف ملائمة معرضة للتغيير والتبديل ، لكنه فرح فى الرب نفسه “افرحوا فى الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا” (فى4: 4) إنه فرح ليست مُسبِّباتَه الأحداث التي تحدث على الأرض، ولا منبعه قلب الإنسان المعرض للحزن، بل فرح بإله السماء “فإني أبتهج بالرب” (حب18:3)، وبما صار لنا بالارتباط به. ونحن اذا سلكنا فى طاعة الرب نستطيع أن نختبر هذا.

واحتمال التجارب يتأتي بالثقة في الرب وفي صلاحه ومحبته الكاملة وحكمته التي لا تخطيء أبدًا، ثم الشكر لأجلها والصبر أثنائها. والثبات هو العزيمة والإصرار وطاقة خاصة لتحمل آلام التجربة، لثقة المؤمن فى الرب وأن هذا لخيره (رو8: 28).

1 فكرة عن “اثبتوا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top