“أكرم أباك وأمك؛ لكي تطول أيامك على الأرض” (خر 20: 12)
لقد اختار الله في سلطانه المطلق لنا أبوينا فلا أحد منا إختار ابواه وفي حكمته الفائقة رأي أن هذين الأبوين هما أفضل أشخاص لكي ياتمنهم على تشكيلنا ولا سيما في سنوات التشكيل.
موضوع إكرام الوالدين له إشارات كثيرة في كلمة الله، إكرام الوالدين هو إعطائهما الاحترام والمكانة التي تليق بهما.
أولاً: الأسباب التي لأجلها يجب أن نكرمهما:
(1) وصية كتابية: (خر 20: 12)
(2) أتعاب آلام الحمل والولادة والتربية: (تك 3: 16) “تكثيرًا أُكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين”.
(3) حرصهما على مستقبلنا: (تك 24: 1 و2)
(4) غفرانهما لزلاتنا وأخطائنا: (2صم 13: 39) “وكان داود يتوق إلى الخروج إلى أبشالوم لأنه تعزى عن أمنون حيث أنه مات”
(5) لأجل حبهما: (تكوين 22: 2) “خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق”
(6) لأجل صلاتهما لأجلنا: (2صم 12: 16) إن كانت هذه واحدة من الصور الواضحة لصلوات الآباء، لكن كم يحوي الكتاب مثل هذه الأمثلة الصريحة. حيث في أيام الرب نجد مَنْ صرخ لأجل ابنه أو ابنته أو من صرخت لأجل ابنتها.
(7) لأنهما مستودع العواطف والحنان: لا نجد في وقت آلامنا وأحزاننا مثل الوالدين لدرجة أن الرب عندما أراد أن يصف تعزياته شبهها بتعزيات الأم (إش 66: 13) “كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا يقول الرب”.
(8) لأجل كل ما ذخراه لنا: (2كو 12: 14) “لا ينبغي أن الأولاد يذخرون للوالدين بل الوالدون للأولاد”.
(9) لأجل عطائهما لنا: (1صم 2: 19) “وعملت له أمه جبة صغيرة وأصعدتها له من سنة إلى سنة”، كم نحن موضوع عطائهم المستمر. عطائهم السخي، عطائهم الذي هو بلا كيل أو عيار.
- ثانيًا: مظاهر الإكرام:
(1) الاحترام: التعبير بالتصرفات عن الاحترام الداخلي لهم الذي يملأ القلب، مثلما قام سليمان عن كرسيه وسجد لأمه ووضع لها كرسياً بجوار كرسيه عندما دخلت إليه (1مل 2: 19).
(2) الطاعة: هذا الزمن الذي نعيش فيه صعب يتصف فيه الأولاد بأنهم “غير طائعين لوالديهم” (2تي 3: 2)،
(3) الخضوع: هو (لو 2: 49 و50).
(4) الاهتمام بهم ماديًا: (1تي 5: 4) أوص الأولاد “فليتعلموا اولاً أن يوقروا أهل بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة”.
- ثالثًا: مظاهر عدم الإكرام:
(1) الكذب عليهم: (ت-ك 27: 19) فقال يعقوب لأبيه “أنا عيسو بكرك”، فالكذب في الكلام أو نقل الحقائق والأحداث غير كاملة، أو عدم الوضوح أو المبالغة في الكلام أو عدم توضيح الأمور، كلها من صور الكذب.
(2) قطع كل الربط بهم وعدم التواصل معهم: (لو 15: 12 و13) “فقال أصغرهما لأبيه أعطني القسم الذي يصيبني من المال…. وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة”. والخطأ الذي ارتكبه هذا الابن ليس فقط في كونه طلب نصيبه، بل أنه بعدما أخذ ترك بيت أبيه.
(6) إهمالهم بحجة الخدمة الروحية وأمور الرب: (مر 7: 10- 13)
أخيرًا يجب أن نؤمن أننا بإكرامنا لهم نحن نُكرم الرب، والرب يكرم الذين يكرمونه. لكن التحذير الكتابي لعكس ذلك: “العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة إطاعة أمها تُقوِّرها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر” (أم 30: 17)
عزيزي : إسأل الأكبر سنا والذين مروا بما تمر به ولم يُقدروا الأهل ويشعروا بقيمتهم كما ينبغي إلا بعد إنجاب الأولاد أو بعد رحيل أهلهم لكن الكتاب أوصى بإكرامهم أيام حياتهم لا بعد رحيلهم فما فائدة الدموع التى نذرفها عليهم وقت وداعهم في الوقت الذي أبكيناهم طوال الحياة؟ وما فائدة الورود التي نغطي بها أكفانهم في الوقت الذي لم نُقدم لهم إبتسامة وقت وجودهم معنا؟
أخيرا قد يثار سؤال ماذا يقصد الرسول بولس بالقول:
«لكي يكون لكم خير، وتكونوا طوال الأعمار على الأرض»؟
الطاعة من أجل المصلحة العليا للأبناء لكي يكون لهم خير، فلنفكر في ما يمكن أن يحدث للابن الذي لا يحصل على التوجيه والتأديب من والديه، إنه سوف يكون تعيسًا في حياته ولا يُحتمل اجتماعيًا. الطاعة تُقدم للأبناء حياة كاملة «وتكونوا طوال الأعمار على الأرض». كان الولد الذي يُطيع أباه في العهد القديم يعيش حياة طويلة، لكن في تدبير النعمة لا يُحسب العمر بالطول بل بالاتساع؛ أي بما تم خلاله من إنجاز وإثمار لمجد الرب، فقد يعيش إنسان سنوات طويلة يكون فيها بلا نفع. وقد يعيش آخر سنوات قليلة ولكنها مملوءة بالثمر المتكاثر لمجد الرب، فأيهما كان أطول عمرًا حقًا؟
أنور داود