اجلس – اثبت – اسلك!!

ai generated, scroll, ancient-8676963.jpg

 تنقسم رسالة أفسس إلى ثلاثة أقسام، كل قسم منها يحمل كلمة من الكلمات التي في صدر المقال

 نفهم من الحق المبارك أننا في جسد الضعف من حيث الحالة، لكن من حيث المقام نحن جالسون شرعًا مع  الرب الذي جلس في يمين العظمة فوق كل رياسة وسلطان.  وكلمة الجلوس تُعني الراحة، فاستراحت قلوبنا على كفاية عمله الذي على أساسه جلسنا، وأيضًا على ختم الروح القدس الساكن في قلوبنا الذي يضمن استمرارية الضمان إلى يوم الفداء (أف1: 13) وعلى أننا أصبحنا أعضاء جسد المسيح (أف4: 16) ولا يمكن أن يُبتر عضو في هذا الجسد، فلهذا لن نهلك إلى الأبد.  فكم تطمئن القلوب وتستريح على قول الرب: “خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يد أبي” (يوحنا10: 27 و28)!

رسالة أفسس – رسالة السمويات –  أكثر رسالة تكلمت عن السلوك.  حيث جاءت كلمة السلوك ثمان مرات فيها ونحن يجب علينا أن نجلس ثم بعد ذلك نسلك، لكن العكس لا يمكن حدوثه لأن هناك البعض يريد أن يسلك أولاً قبل أن يجلس، فتذهب مجهوداته هباء، فلا قوة للإنسان على السلوك الصحيح بدون علاقة حقيقية مع الرب.

وقوة السلوك هو حياة المسيح فينا “ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم” (أفسس3: 17)، فنستطيع بعدها أن ننقل أعماله وكلماته وحياته في كل مكان نتواجد فيه: “لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها” (أفسس2: 10)، فنكون نحن امتداده، يده التي تعمل وقدمه التي تسير وفمه الذي يتكلم ونوره الذي يشرق وسط الظلمة، فالرب الذي قال: “أنا هو نور العالم” (يو8: 12)، قال: “أنتم نور العالم” (مت5: 14) ورسالة أفسس تحوى لنا التحريض: “اسلكوا كأولاد نور” (أفسس5: 8) وذلك لكي نستطيع بمعونة الرب وتأثيره أن نجذب البعيدين له.

والسلوك يجعلنا نستحضر السماء إلى الأرض، فالجوانب العملية في هذه الرسالة شملت كل النواحي، حتى الأسرية، فنختبر ما جاء عن البيوت التي يُباركها الرب في العهد القديم “لكي تكثر أيامك وأيام أولادك على الأرض التي أقسم الرب لآبائك أن يعطيك إياها كأيام السماء على الأرض” (تث11: 21).

ونستطيع أن نستحضر حياة المسيح غير المرئية لتصبح مرئية، فلا يُصبح المسيح بعيدًا عن العيون، لكنه مُستحضر من خلالنا.

وكلمة “اسلك” بمعنى “تقدم” ونفهم منها التحريض على النمو، فإحدى مرات التحريض على السلوك بالرسالة كان عن مفتدين الوقت، فاستثمارنا للوقت واغتنامنا للفرص نتقدم روحيًا في علاقتنا مع الرب، فلا نقف “محلك سر” في علاقتنا مع الرب ولا تصبح مجرد عدد سنوات من وقت معرفتنا بالرب، بل تتقدم الحياة مع الأيام من مجد إلى مجد ومن قوة إلى قوة.

الحياة الروحية مصارعة مع العدو، فمحاربتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطينمع أجناد الشر الروحية في السمويات ونحن نصارع لا لكي نحصل على البركات، بل لكي نتمتع بها ونحن لا نصارع بمفردنا بل بقوة الرب، لهذا جاء القول: “تقووا في الرب وفي شدة قوته، البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس”(أفسس6: 10، 11).

وعلينا أن نثبت فيما أوكلنا الرب عليه  في خدمته، لئلا بعدم ثباتنا يأخذ أحد إكليلنا (رؤ3: 11).  فلقد ضاعت خدمة ديماس نتيجة عدم ثباته ودفن الوزنات والطاقات والعمر في أمور الزمان “لأن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر وذهب إلى تسالونيكي..” (2تي4: 10)، فبعد أن وضع يده على المحراث نظر إلى الوراء (لوقا 9: 62).

ليتنا نثبت على التصاقنا بالاجتماعات الروحية “غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة” (عب10: 25)، أي كما لقوم صار الترك عندهم عادة، فأخذ الكسل يدب في جسدهم وتثاقلت خطواتهم  والصدأ اعتلى عواطفهم، فبردت العواطف تجاه الرب ومن ثم تجاه قديسيه، فصار التغيب عن الاجتماعات هو الوضع العام وليس الاستثناء.

فإن كان لنا عدو لدود لا يعرف الكسل ولا الفشل في حربه الضروس معنا، ليتنا لا نتكاسل لكي نختبر عمليًا حقيقة مقامنا وهو أننا في السموايات، فنعيش سماويين كسيدنا السماوي.

أنور داود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top